عناية حرجية
لقد تمّ غرس حرش من الصنوبر في المنطقة بين طريق المدخل وحديقة الذكرى. إنّ التنافس على الضوء في شبه الغابة، نتيجة بلوغ أشجار الصنوبر،أدّى إلى نموّ الأحراش الطبيعية في هذه القطعة وارتفاعها وحجب الحديقة عن عيون المسافر. عمليات غرس أخرى لأشجار السرو والصنوبر تمّت في المناطق المفتوحة على أبعاد مختلفة وباتجاهات شتى من الحديقة، لكي تشكل معْلما يجتذب انتباه المتنزه داخل الحديقة، وتوجهه إلى الإطلال على المناظر الطبيعية عبر سور الحديقة. مثال على ذلك هي أشجار السرو التي تم غرسها على أعلى سفوح وادي هنديف لاستقطاب عيون الناظر، من نقطة مراقبة في أعلى حديقة الشلالات، بعيدا، باتجاه البحر في الغرب. كما جرت محاولة لترميم النباتات الشجيرية (البَرَزَة) بواسطة التخفيف والتشذيب. كما بذلت جهود لإضافة أشجار سنديان وملول إلى المنطقة الواقعة غربي الحديقة. لقد فشلت هذه المحاولة جزئيا على ما يبدو بسبب ظروف موطن غير ملائمة.
في عام 1975 تقرر القيام بعمليات غرس حرجية أخرى اعتبرت ذات أهمية لاستخدام أخشابها من ناحية اقتصادية تجارية، خاصة في الأراضي التي كانت مستعملة لأغراض زراعية في الماضي البعيد وفي مناطق صخرية وحجرية فيها القليل من الأحراش الطبيعية، القابلة للغرس دون الحاجة إلى نفقات استصلاح باهظة. في المناطق الزراعية تم غرس أشجار السرو؛ وفي المناطق الصخرية والحجرية نسبيا، تغرس صنوبر بروتيا. نتيجة للنوايا الاقتصادية التي كانت في مركز تخطيط عمليات الغرس، لم يتم التشديد على الجوانب البيئية والمظهرية لعمليات الغرس، لكن إمكانية استخدام الجمهور العريض للمواقع لغرض الاستجمام كانت أمرا بديهيا. لقد تم غرس المناطق في شتاء عام 1976/77 وفي شتاء عام 1977/78. في أعقاب نقص بالأشتال من الأنواع المرغوب بها في مشاتل قسم التحريج، غرست، وبخلاف التخطيط، أنواع أخرى في مناطق مختلفة ومن بينها: صنوبر النواة، صنوبر كناري، سرو أريزوني وسرو غلبرا. كثافة عمليات الغرس كانت أقل من المتبع آنذاك في عمليات غرس قسم التحريج، لأنه كان من المتوقع أن تتطور الغابة بسرعة نتيجة ظروف الموطن الجيدة نسبيا والاعتبارات الاقتصادية.
منذ موعد الغرس وحتى عام 1985، لم يُلاحظ أيّ نشاط حرجيّ في المناطق المغروسة، باستثناء نشاطات الوقاية الصحية، عمليات الغرس على أبعاد أكبر من المتبع، في عمليات غرس الأحراج العادية، أتاحت خلال السنوات الأولى تطورًا جيدًا للأشتال من دون الحاجة إلى التخفيف. مع بلوغ الأشجار، أحدثت الأحراش المغروسة تغييرات في الطبيعة المحلية. أمّا الأحراش أحادية النوع المؤلفة من أشجار مغروسة بكثافة عالية فقد كوّنت تناقضًا حادًا بين الأشجار المغروسة والنباتات الطبيعية. كما أدّت الأحراش الكثيفة إلى قمع النباتات الطبيعية وإلى تغييرات في تركيبة الأنواع في شبه الغابة. إنّ التفكير باستغلال الأشجار تجاريا لم يكن مجديا، إضافة إلى ذلك، فقد بدأت أشجار الأحراش، وخاصة أشجار، السرو تصاب وبشكل بالغ بالأمراض.
في عام 1985 قرّرت إدارة صندوق ياد هنديف، بالتعاون مع جمعية حماية الطبيعة، تغيير التوجه وإدارة المناطق المفتوحة بموجب معايير بيئية طبيعية وملاءمتها لاستخدام الجمهور. لقد أدى التحول إلى تغيير حاد في إدارة المناطق المغروسة، وخلال السنوات التالية، وخاصة في بداية التسعينات، تم إجراء عمليات تخفيف حادة بغية ملاءمة قطع الغابة لدورها الجديد. تم اقتلاع أحراش السرو جزئيا أو تخفيفها بشكل ملحوظ نظرا لكون الأحراش المتجانسة والكثيفة لا تندمج بشكل جيد في المنظر الطبيعي، ونظرا لأن أشجار السرو لا توفر ظلالا كافية وأماكن استمتاع، وكذلك لأن غالبية الأشجار قد تعرضت للمرض ودعت الحاجة إلى قطعها. وبهدف تحسين اندماجها في الطبيعة المحلية المميزة في الوقت الحاضر، تمت إعادة تصميم أحراش الصنوبر إلى بقع تتألف من مجموعات صغيرة من الأشجار، بقيت المناطق بينها مفتوحة. في الجزء الداخلي الأحراش تم تخفيف الأشجار بهدف إتاحة نمو النباتات الطبيعية وتمكين الأشجار المتبقية من النمو هي الأخرى. أما الأحراش التي تستخدم، حسب المشاهدات، مخابئ للحيوانات فقد أبقيت كما هي عليه. إن نتائج العناية الحرجية بموجب التوجه البيئي الطبيعي تبدو جيدًا في هذه المناطق. الأشجار الحرجية التي بقيت نمت وتطوّرت وهي تندمج في الطبيعة المحلية، كما ازدادت مساحة المناطق المفتوحة والنباتات الطبيعية الآخذة بالكبر، تزدهر فيها ويمكن مشاهدة ذلك. إن دمج مجموعات صغيرة من أشجار الصنوبر المظللة مع مناطق مفتوحة متنوعة النباتات والحيوانات المطلة على بيئتها، يوفر إثارة واهتماما لدى الزوّار المتنزهين الذين يقضون أوقاتهم في المتنزه.